محرقة غزة.. حرب الإبادة العرقية
طارق قابيل
محرقة غزة حرب إبادة جينية
كشفت القناة العاشرة بالتليفزيون الإسرائيلي النقاب أمس عن أن الجيش الإسرائيلي استخدم في الحرب على قطاع غزة ألف طن من المتفجرات، خلال 2500 غارة نفذها سلاح الجو في غضون الأسابيع الثلاثة الماضية في عملية الرصاص المصبوب، وما خفي كان أعظم، ومما لا شك فيه أن غزة باتت حقلا لتجارب الأسلحة والذخائر الفتاكة الجديدة التي تستهدف "القتل الأكيد"، ويمكن تسميتها أسلحة الإبادة الكيماوية والجينية، والمثير للعجب أن يتم استخدام أسلحة جينية في منطقة مفتوحة مكتظة بالسكان كقطاع غزة أمام نظر وسمع العالم أجمع، الذي لم يحرك ساكنا أمام هذه الجرائم المتتالية النكراء، وتتغاضى المنظمات الدولية التي تغط في ثبات عميق، عن استخدام الأسلحة المحرمة دوليا، والتي دمر العراق بسبب الشك في امتلاكها، فهل بدأت أولى معارك الإبادة الجينية في محرقة غزة؟
هذه البداية.. والقادم أسود
القنبلة العنصرية.. مشروع القرن الجديد!
الجراثيم السياسية!
أسلحة بيولوجية انتقائية تستهدف العرب
تاريخ إسرائيل مع الأسلحة البيولوجية
الأسلحة الجينية بين الواقع والخيال
هذه البداية.. والقادم أسود
يجيب عن هذا السؤال الباحث المستقل "جيمس بروكز" الذي أكد في تقرير نشر على موقع "ميديا مونيتير" أن القنبلة المعروفة باسم "الانفجار المعدني الداخلي الكثيف"، واختصارا باسم "دايم"، هي عبارة عن "سلاح سري وغريب، يحدث إصابات مروعة ومهلكة"، وأوضح أن هذه القنبلة تحدث انفجارا غير عادي في مساحة محدودة، وتنثر "شظايا معدنية دقيقة عالية الحرارة"، من سبيكة "التانجستن" المعدني الثقيل (إتش إم تي إيه)، التي أثبتت الدراسات العلمية أنها مادة سامة، تدمر نظام المناعة في الجسم، وإذا لم يمت المصاب فورا، فإنه يصاب بالسرطان الذي لا شفاء منه بعد فترة وجيزة من الإصابة، كما أن هذه المادة تهاجم الحمض النووي، بمعنى أن السلاح يمثل "سما للإبادة الجينية".
وأشار الباحث إلى أنه وفقا لشهادة أطباء فلسطينيين في مستشفى الشفاء بغزة، ولما كشفت عنه الصحافة الإيطالية وطبيبان نرويجيان، فقد قضى جراء التعرض للقنبلة المروعة 50 فلسطينيا وأصيب 200 آخرون بإصابات "لا يمكن أن يتصورها العقل"، وذكر الباحث أن الفحوصات أثبتت أن المواد المعدنية التي تدخل الجسم تذوب فيه ولا يمكن تتبعها بالأشعة السينية، وأشار إلى أن المواد المهلكة التي تدخل الجسم والتي لها تأثير إشعاعي أيضا تعمل على حرق الأنسجة الداخلية وتذويبها، ويبدو تأثيرها النهائي كأن المصاب قد جرت له عملية بتر، وأوضح "عندما تخترق الشظايا النارية الجسم تحرق الأنسجة حول العظام وتدمرها تماما، وتحرق وتدمر الأعضاء الداخلية، مثل الكبد والكليتين والطحال، وتجعل معالجة الجروح مستحيلة".
من ناحية أخرى غطت أجزاء واسعة من مدينة غزة ورفح جنوب القطاع أدخنة كثيفة وثقيلة جراء انفجار قذائف أطلقتها مدفعية الدبابات، وذلك للمرة الأولى، وصحب انتشار هذه الأدخنة صدور روائح كريهة، جعلت التنفس معها صعبا ومثيرا للغثيان، ولم يستبعد المحللون أن تكون القوات "الإسرائيلية" قد استخدمت ما يعرف بالقنبلة النتنة المعروفة باسم "ستينك بومب"، وهي من القنابل ذات التأثير البيولوجي والتي تقوم فعاليتها على إطلاق روائح نتنة لا تطاق وتثير حساسية الجهاز التنفسي والغثيان.
وإذا كانت هذه البداية فالقادم أسوأ، فقد أظهرت بعض التقارير الصحفية من قبل أن إسرائيل تسعى لاستخدام هذه الأسلحة المحرمة في أوقات السلم قبل أوقات الحروب، ويسعى العلماء في إسرائيل لتطوير أسلحة بيولوجية أو جينية على وجه التحديد يمكن أن تقتل العرب فقط ولا تلحق ضررا باليهود، وذلك عن طريق الموروثات (الجينات)، وذكرت مجلة "فوكس" أن عمل هذا السلاح مبني على فكرة أن العرب يحملون جينات معينة تميزهم عن غيرهم من الأجناس، واعتمادا على تلك الجينات سيتم إنتاج سلالات من البكتيريا والفيروسات القاتلة التي تدخل إلى الجسم وتتعرف على تلك الجينات داخل الخلايا، فإذا كانت موجودة فإن الجراثيم تبدأ في التأثير على الحمض النووي داخل الخلايا مما يؤدي إلى تدميرها.
القنبلة العنصرية.. مشروع القرن الجديد!
أثارت جمعيات حقوقية أمريكية في الولايات المتحدة تساؤلات حول إذا ما كانت وزارة الدفاعالأمريكية قد سمحت لإسرائيل باستخدام أحدث الأسلحة الأمريكية المحظورة في حرب إبادة غزة، ولكن المتحدث باسم البنتاجون رفض الإجابة عن أسئلة في هذا الشأن، وكان العلماء الأمريكيون قد أعلنوا في مطلع هذا القرن أنهم سينجحون في غضون عشر سنوات في إنتاج نوع جديد من السلاح الحيوي سيغير مجرى التاريخ بشكل جذري، وطبقا لتصريحات العلماء الأمريكيين فقد آن الأوان لظهور هذا السلاح، وسيظهر في المستقبل القريب نوع جديد من الأسلحة الحيوية الانتقائية يمكنها أن تغير توازن السلطة السياسية في العالم، والمبدأ الرئيسي لهذا السلاح: "ابحث عنه وأبده نهائيا تبعا لبصمته الوراثية"، هذا السلاح الانتقائي سيكون قادرا على إصابة بعض الناس ولا يصيب البعض الآخر طبقا لعلامة وراثية محددة سلفا، مثل شكل العين أو لون البشرة، ويمكن أن تظل العدوى المرضية كامنة وتظهر متأخرة، أو تبدأ فقط عند تعاطي نوع محدد من الدواء.
وكان قد كشف النقاب عن هذه الأفكار الشيطانية في حلقة دراسية مغلقة نظمتها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وجاء تنظيم هذه الحلقة الدراسية كجزء من "مشروع القرن الأمريكي الجديد" (Project for the New American Century)، ومن المتوقع أن تعتمد هذه الأسلحة الحديثة على الانفجار الهائل المدوي في ثورة المعلومات الوراثية، ومن المتوقع أن يقوم العلماء ببرمجة بكتيريا أو فيروسات ممرضة بجين أو بمجموعة من الجينات التي تميز وتستهدف جنسا أو شعبا بعينه، وعندما تدخل الجرثومة المبرمجة إلى جسم شخص ما فإنها لن تخطئ هدفها أبدا، وستقوم بقتل هذا الشخص المستهدف في صمت، أما إذا اختلف التركيب الوراثي للشخص المصاب فستموت الجرثومة نفسها دون إيذائه، ومن المتوقع أن المختصين في الأمراض المعدية سيواجهون صعوبات كبيرة في تمييز ميكروبات التطهير الإثني الجرثومي من الأوبئة الأخرى، كما ستقوم البلد التي تقود هذا التطوير الإجرامي لهذه الأسلحة بتضليل الجمهور بالطبع عن طريق آلة الإعلام الجهنمية، ووسائل الحرب النفسية التي تملكها.
ومن الممكن أن يستهدف هذا السلاح البشر الذين يعيشون تحت شروط صحية معينة أيضا، كما يتوقع أن تأخر ظهور المرض يجعل مثل هذا السلاح أكثر فتكا، ويعني هذا أن ظهور المرض يمكن أن يؤخر ليس فقط لعدة أيام ولكن لفترة زمنية غير محددة، وعندما يظهر المرض على الشخص المصاب والمعرض لهذا السلاح، ويبدأ في تناول المضادات الحيوية، تبدأ البكتيريا أو الفيروسات بالتضاعف مما يؤدي إلى إصابته بمرض حاد يحير جهابذة الأطباء ويجعلهم يخطئون التشخيص، كما سيجعل المواد الصيدلانية التقليدية غير ذات فائدة.
الجراثيم السياسية!
قد يتصور البعض أن ثمة تخيلا أو مبالغة في هذه الأخبار المرعبة، ولكن الحقيقة المؤلمة التي رأيناها على أرض غزة أغرب من الخيال، في ظل صمت دولي ممجوج، وتواطؤ بغيض، وأنه بات من المعروف أن العلماء يستكشفون منذ مدة طويلة إمكانية تصنيع أسلحة حيوية انتقائية تعرف باسم "القنبلة العنصرية" لتستهدف جنسا بعينه أو مجموعة إثنية بعينها، وهذا التصور ليس مستغربا على الإطلاق، فمن المتيسر حاليا إنتاج بكتريا مقاومة للمضادات الحيوية، ويشير "ألكساندر بروزوروف" الأستاذ في مختبر علم وراثة الكائنات الحية المجهرية في معهد أكاديمية العلوم الروسية إلى أن الأمثلة الأكثر تمييزا لهذا النوع من المزارع البكتيرية نوع ينمو فقط في وجود المضاد الحيوي "ستريبتوميسين" streptomycin ولا يتكاثر إلا في وجوده فقط.
وعلى ما يبدو أن وراء هذه الأفكار الشيطانية إرث كبير من الجراثيم السياسية التي أصابت رءوس كبار الساسة في العالم ومازالت تعشش في مخيلتهم، فمنذ أكثر من ثلاث سنوات أوصى نائب وزير الدفاع الأمريكي "بول ولفويتز" وزارة الدفاع الأمريكية باستخدام الأسلحة الوراثية ليس فقط لشن الحرب بنجاح، ولكن أيضا لإعادة هيكلة السياسة العالمية، وطبقا لتقرير وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) فإن الأسلحة الوراثية يمكن أن تغير سياسة كوكب الأرض بالكامل ويمكنها أن تحول "الإرهاب" إلى أداة مفيدة سياسيا.
وإن أكثر ما يروع في هذا السلاح الحيوي الذي يمكن أن يصيب الناس طبقا لعلامات وراثية محددة أنه سيتم تخليقه بشكل محدد للإبادة الجماعية لمجموعات عرقية بعينها، ويؤكد ذلك ما صرحت به الرابطة الطبية البريطانية (British Medical Association): "التقدم السريع في علم الوراثة يمكن أن يصبح قاعدة أساسية للتطهير الإثني على مقياس كبير لم يسمع به من قبل في المستقبل القريب".
أسلحة بيولوجية انتقائية تستهدف العرب
وبعد أن سقط القناع الزائف عن ممارسات إسرائيل الإجرامية، وتبين للعالم أجمع عدم جديتها في السلام، وبعد حرب الإبادة الجماعية التي تظهرها حتى الآن بلا رحمة في غزة، وعدم توانيها في استخدام أي سلاح للتخلص من الغزاويين، نصدق أن التخطيط الذي كان بالأمس مجرد شائعات يصعب التأكد من صحتها، قد صار اليوم يقينا محسوسا يستشعره أي شخص يعي، ورغم ما يبدو من صعوبة في إنتاج هذا السلاح وتطبيقه، فإن تقارير أشارت إلى قيام علماء اليهود بدراسة الفروق الجينية بينهم وبين العرب وأنهم استطاعوا التعرف على تلك الجينات، وطبقا للمعلومات الواردة من PNAC، يؤكد الخبراء الأمريكيون أن إسرائيل بدأت العمل مؤخرا بشكل نشيط على أسلحة تميز الجينات الوراثية للعرب، ويؤكد أخصائيو علم الوراثة في إسرائيل أن العرب يحملون جينا فريدا لا يحمله أحد غيرهم في العالم، ويشكل هذا الجين القاعدة الأساسية لانطلاق البحوث الإسرائيلية التي تستهدف تدمير المجموعات العرقية العربية.
والجدير بالذكر أن أبحاث إسرائيل بخصوص "القنبلة الجينية العرقية" تتشابه مع التجارب الجينية التي أجراها العالم النازي الدكتور "جوزيف منجلي" في معتقل "أوشفيتس"، كما تعتبر صورة مطابقة للدراسات البيولوجية التي أجراها علماء جنوب إفريقيا في عهد نظام التفرقة العنصري، وكشفت شهادات قدمت أمام لجنة المصالحة والكشف عن الحقائق عنها، حيث أشار الدكتور "دان جوسن" - مدير معمل الحرب الكيماوية والجرثومية في جنوب إفريقيا - "أن فريقه البحثي قد كلف في الثمانينيات بتطوير قنبلة صبغية تستهدف السود فقط، ولكنهم لم يستطيعوا تطوير قنبلة كهذه"، وأفاد "جوسن" أن فريقه تم تكليفه في مطلع الثمانينات بتطوير سلاح بيولوجي يتجه فقط إلى أصحاب اللون الأسود، وأضاف: أن فريقه ناقش إمكان نشر هذا السلاح في شراب البيرة الذي يتناوله السود أو نبات الذرة أو حتى بواسطة التلقيحات الدورية التي تجري لهم، إلا أن تجارب تطوير هذا السلاح لم يتم استكمالها.
وكانت صحيفة "الصنداي تايمز" البريطانية قد نشرت خبرا تحت عنوان "البنتاجون يحذر من القنبلة العرقية" بتاريخ 15/11/1998م، ذكرت فيه أنه ردا على برنامج الأسلحة البيولوجية العراقية (المزعومة) يحاول العلماء الإسرائيليون تطوير ما يطلقون عليه "القنبلة العرقية"، وذلك باستغلال التقدم الذي تحقق في مجال الهندسة الوراثية، من حيث التعرف على "الجينات" التي تحمل الصفات العرقية للجنس العربي، ثم يقومون بعد ذلك بتخليق بكتيريا معدلة أو فيروس يستطيع أن يهاجم الجينات العربية وحدها من دون باقي الجنسيات، فتنشط هذه الفيروسات أو البكتيريا حاملة الأمراض والمعالجة وراثيا، وتقوم بتغيير الحامض النووي DNA الموجود داخل خلايا العرب الحية، بعد تشفير هذه الكائنات الدقيقة على جينات الشعوب العربية فتفتك بهم.
كما نشرت صحيفة "الديار اللبنانية" خبرا عن وجود مخطط إسرائيلي في مجال الهندسة الوراثية يهدف إلى تدمير صحة الإنسان العربي من خلال مشروع رصدت له الحكومة الإسرائيلية ما يقرب من ملياري دولار أمريكي، والمشروع الذي أطلق عليه اسم "شلوع" تم إنشاؤه كفرع من فروع سلاح الطيران تحت إشراف الجنرال "يوفاك توتمان" وتتركز أبحاث وحدة "شلوع" على إنتاج أسلحة تعتمد على استخدام أساليب الهندسة الوراثية الحديثة في الإنتاج الزراعي، بغرض إنتاج برتقال يؤثر على الجهاز العصبي ويصيب الإنسان بالتوتر والإجهاد الذهني في حيز زمني سريع، كما نجحت في إنتاج أدوية بيطرية تؤدي إلى إصابة الإنسان عند تناول الدجاج بالفشل الكبدي بعد 3 أشهر ومخصبات مشعة تؤدي إلى إصابة من يتناول الخضار بالسرطان وتراجع مستوى الخصوبة، وقد كشف النقاب أيضا عن قيام إسرائيل بالعمل في برنامج بحثي لصنع سلاح جرثومي لقمع انتفاضة الأقصى يستهدف الفلسطينيين دون اليهود، في معهد الأبحاث البيولوجية في "نيس تسيونا"، ويهدف هذا البرنامج إلى تحديد الصفات الجينية للفلسطينيين؛ بحيث يتم تصميم فيروسات وبكتريا مهندسة وراثيا تهاجم الخلايا البشرية الفلسطينية فقط.
تاريخ إسرائيل مع الأسلحة البيولوجية
ينبغي أن نربط بين هذه العمليات الأخيرة التي تستهدف إبادة الشعب الفلسطيني بأحدث ما توصلت له الآلة العسكرية الأمريكية والإسرائيلية، وبين ما ذكرته رئيسة وزراء إسرائيل السابقة "جولدا مائير" عندما قالت إنها "تصاب بالغثيان صباح كل يوم يولد فيه طفل فلسطيني"، كذلك تصريح رئيس وزراء إسرائيل السابق "إسحاق رابين" الذي قال فيه: "أود لو يبتلع البحر مدينة غزة بسكانها".
ولقد حفل تاريخ إسرائيل المشين باستخدام الأسلحة المحرمة دوليا كالأسلحة البيولوجية، وفي أول حرب لها ضد العرب عام 1948 ألقت ميكروب (الدوسنتاريا) في مصادر مياه الجيش المصري في فلسطين، الأمر الذي أصاب أعدادا ضخمة من الضباط والجنود بهذا المرض، وأضعف قدراتهم القتالية، وفي نهاية العام 1975 توفرت معلومات عن أن "الفأر النرويجي" الذي هاجم المحاصيل الزراعية في مصر وقضى على الكثير منها، تم تخليقه في المعامل الإسرائيلية ثم تسريبه إلى مصر ضمن قواتها التي كانت موجودة في الثغرة غرب القناة عقب حرب تشرين الأول ( أكتوبر) 1973، وبذلت مصر جهودا ضخمة حتى تم القضاء عليه.
وذكرت صحيفة "الأيام" الفلسطينية في 24\8\1997 أن السلطات الإسرائيلية تقوم بإجراء تجارب دوائية على المعتقلين الفلسطينيين الموجودين في سجونها، وأن وزارة الصحة الإسرائيلية أصدرت حوالي ألف تصريح لشركات أدوية كبرى هناك لإجراء تجارب لعقاقير خطيرة على هؤلاء المعتقلين، وكانت النتيجة أن كثيرا منهم لقوا حتفهم أو أصيبوا بعاهات دائمة وهم في طريقهم للموت حاليا، وأن كثيرا من المسجونين الفلسطينيين الذين يتوقع الإفراج عنهم في إطار الاتفاق الأخير سيخرجون إلى الحياة وهم فاقدو القدرة على ممارسة أي نشاط بعد إصابتهم بأمراض خطيرة ستؤدي إلى وفاتهم بعد فترة من خروجهم، وأثبت "أحمد حبيب الله" رئيس "جمعية أصدقاء المعتقلين" الفلسطينية، في مؤتمر صحفي عقده في سبتمبر 1997، أن 15 معتقلا فلسطينيا توفوا بسبب إصابتهم بأمراض خطيرة خلال فترة اعتقالهم نتيجة تعرضهم لهذه التجارب، وكشفت "داليا أيزاك" مسئولة لجنة العلوم في الكنيست النقاب عن هذه العمليات، وأيدتها في ذلك "إمي فلتات" رئيسة شعبة الأدوية في وزارة الصحة الإسرائيلية.
وتركز إسرائيل على استخدام "الإيروسول" البيولوجي لتلويث الهواء والأرض، بواسطة مستودعات الطائرات والصواريخ والبالونات الموجهة تلفزيونيا، وأنشأت لذلك معملا للأمصال واللقاحات في "نيس زيونا" جنوب تل أبيب، تجري فيه أبحاث على الفيروسات، وعلى استخدام العبوات ذاتية الدفع وراجمات الصواريخ المحملة بالمواد البيولوجية، والاعتماد على استنشاق الكائنات الدقيقة كوسيلة رئيسية للتلوث البيولوجي.
وتنتج إسرائيل عناصر الأمراض الفطرية والتوكسينات، مثل "كوكسيدولمي" وعناصر الأمراض البكتيرية مثل "بوتوليزم"، والجمرة الخبيثة "إنتراكس"، والكوليرا، والطاعون، وعناصر الأمراض الفيروسية مثل "الحمى الصفراء، وحمى الدنج، والجدري، وشلل الأطفال"، وعناصر أمراض الراكتسيا مثل " التيفوس"، كما تنتج "إسرائيل" عناصر مرضية لقتل النبات والمحاصيل مثل "صدأ القمح، المطر الأصفر، وأمراض القطن، والذبول المتأخر للقمح"، بالإضافة إلى طاعون الحشرات، وأمراض الأعشاب وتساقط الأوراق، وكذلك عناصر أخرى مضادة للحيوانات، تصيب الفم والقدم " مثل طاعون الماشية، وحمى الدواجن، وداء الكلب، والجمرة الخبيثة"، كما تسعى "إسرائيل" في الوقت نفسه إلى تطوير ميكروبات لها درجة بقاء عالية في الظروف الجوية غير المواتية، وبخاصة عند الجفاف وارتفاع درجات الحرارة مع إمكان استخدمها ميدانيا كإيروسولات تؤثر على الجهاز التنفسي، هذا بالإضافة إلى إنتاج ميكروبات مقاومة للأمصال واللقاحات المعروفة، ولكن تؤدي إلى أعراض فسيولوجية متشابهة مع أمراض أخرى لإرباك الإجراءات الصحية والوقائية للخصم.
ويذكر أن تعاونا كبيرا جرى بين الولايات المتحدة وإسرائيل في مجال إجراء التجارب على استنباط التوكسينات والفطريات لاستخدامها كسلاح بيولوجي، خصوصا بعد أن توصلت الولايات المتحدة إلى تطوير السلاح الجرثومي المجفف، ونجحت في تطوير وتحميل أمراض: التولا ريما، والحمى القلاعية، والطاعون، والجمرة الخبيثة في رءوس صواريخ بالستية وقنابل الطائرات، وكانت تنفق سنويا قرابة 70 مليون دولار على تطوير سلاح الجدري.
ومع التطور التكنولوجي الذي تشهده أنظمة التسليح عموما، الذي يعتمد بدرجة كبيرة على التقدم في العلوم البيولوجية في شكلها الجديد القائم على علوم التكنولوجيا الحيوية والهندسة الوراثية، تسعى إسرائيل أيضا إلى تخليق عناصر بيولوجية جديدة لا تؤدي إلى القتل بالضرورة لكنها تؤدي إلى إنهاك قوة الخصم البشرية إلى فترة محدودة تزول بعدها آثارها ويمكن خلال هذه الفترة المحدودة تحقيق الأهداف والمهمات العسكرية المطلوبة.
"الأسلحة الجينية" بين الحقيقة والخيال
أثارت فكرة قيام إسرائيل بالعديد من الأبحاث على الأسلحة البيولوجية عاصفة من الهجوم والانتقادات في كثير من الدوائر خارج إسرائيل وداخلها، لأنها تتوازى بالتجارب الجينية التي أجراها في الأربعينيات الدكتور الألماني "جوزيف منجل" أثناء حكم النازي، وهو ما عبر عنه عضو بالكنيست الإسرائيلي: "إن مثل هذا السلاح البيولوجي يعتبر وحشيا ويجب استنكاره"، وأفاد بعض العلماء أنه من الناحية النظرية يمكن تخليق سلاح بيولوجي يتجه إلى عرق معين ويصيبه من دون آخر، إلا أن التطبيقات العملية لمثل هذا السلاح ستكون مرعبة وشنيعة.
وعلى رغم توقيع إسرائيل على معاهدة 1972، والتي تحظر حيازة وإنتاج العناصر البيولوجية، والتي اشترطت أن تقوم الدول العربية بالتوقيع عليها أولا، فإنها تحفظت عند توقيع البروتوكول الخاص بالمعاهدة على عدم اعتبار السموم ومسقطات الأوراق من الأسلحة البيولوجية، وهو ما ينم عن نيات في استخدامها الأسلحة البيولوجية المضادة للمحاصيل والحيوانات ضد الدول العربية مستقبلا.
وكان هناك جدل كبير حول إذا ما كان من الممكن تصنيع أسلحة تستهدف مجموعات عرقية أو عنصرية محددة، مثل تلك الأسلحة التي تستهدف صفات وراثية تؤدي إلى اختلافات عنصرية وعرقية، ويعتقد بعض الخبراء المتخصصين أن هذا قد يكون ممكنا في المستقبل القريب، وأن جميع الإرهاصات العلمية تؤكد إمكانية التوصل إلى ذلك، وقد أعلن العلماء منذ فترة وجيزة تمكنهم من تخليق فيروس معد بالاعتماد على الخريطة الوراثية المنشورة على الإنترنت، ومع هذا فهناك فريق آخر ينفي هذا الزعم، ويؤكد صعوبة حدوثه، ويعتمد البعض على نتائج دراسة جينية ظهرت نتائجها في شهر أبريل 2003م، وأكدت أن التركيبة الجينية لسائر البشر من مختلف الأجناس والأعراق متطابقة بنسبة 99.9%. ويؤكد البحث على أن جميع التجمعات البشرية في مختلف بقاع العالم تتقاسم جينيا أكثر مما كان يعتقد في السابق، وقد قام البروفسور "ماركوس فيلدمان" الذي ترأس فريقا بحثيا من جامعة ستانفورد بتحليل عينات (دي إن إيه) من 1056 شخصا من 52 تجمعا سكانيا في خمس مناطق جغرافية رئيسية في العالم، هي إفريقيا وأوروبا وآسيا والأمريكيتان، واكتشف الباحثون أن الاختلافات الظاهرة بين التجمعات البشرية مثل لون البشرة وشكل الجمجمة ناجمة عن اختلافات في جزء صغير للغاية في السمات الوراثية.
وقال التقرير السنوي لعام 2004 الصادر عن مركز أستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، إنه بات من المحتمل تطوير صنف جديد من العوامل البيولوجية الحربية المهندسة خصيصا لاستهداف جهاز بيولوجي بشري معين، مثل القلب والأوعية الدموية، أو جهاز المناعة، أو الجهاز العصبي أو الهضمي، وأورد الخبراء مثالا حول منظم بيولوجي يستخدم كمركب لتنويم جنود القطاعات المعادية في ساحات القتال، مما يعني، نظريا، الفوز في المعركة من دون إراقة الدماء، وحذر الخبراء من توظيف بيانات التسلسل الجيني للحامض النووي "دي إن إيه" المتوفرة حاليا، في أبحاث لتطوير أشكال قاتلة من فيروسات جدري الفئران وجدري البقر، بحجة تطوير لقاحات مضادة لهما، وفى العام نفسه وبالتحديد في شهر يونيو (حزيران) وجه خبراء دوليون أقوى تحذير من نوعه إلى علماء العالم، أشاروا فيه إلى أن محاولات الباحثين في التقنيات الحيوية (البيوتكنولوجي) الموجهة لتغيير التركيب الجيني لجسم الإنسان، قد تؤدي إلى تطوير أصناف جديدة من الأسلحة الجينية تستخدم في الأغراض العسكرية أو العمليات الإرهابية، وحذروا من تطوير مركبات تستعمل لتنويم جنود العدو في ساحات القتال، أو تطوير فيروسات قاتلة.
وبالرغم من أن التقدم في علوم التكنولوجيا الحيوية يحمل معه وعودا هائلة للإنسانية، فإن هذا التقدم سوف يطرح أيضا مخاطر كبيرة على الإنسانية إذا ما استخدم كأداة حرب لنشر الهلع بين البشر، أو كسلاح لنشر الأمراض عمدا تبعا لنزعات عنصرية ذميمة، وقد يكون الاحتمال ضعيفا، ولكن من الواضح حاليا أن الخطر يحلق حولنا، ويحدق بنا، وقد يصبح نشر المرض عن عمد، والقدرة على تغيير وظائف الجسم دون معرفة الفرد المستهدف بذلك أكثر سهولة، وأكثر فتكا، وأكثر صعوبة في الاكتشاف، وأقل كلفة، والنتائج المحتملة قد تكون مأساوية، واسألوا الغزاويين، وقد يكون من الصعب أو المستحيل علاجها، فعلينا (نحن العرب والمسلمين) أن نستعد ونتسلح بالإيمان والعلم والتكنولوجيا والمعرفة لصد وردع هذا الهجوم الإجرامي الشرس، الذي بدأ في غزة، والله أعلم أين سينتهي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق