الأربعاء، 4 فبراير 2009

"ساكاشات".. كمبيوتر محمول بثمن الكتاب العادي

"ساكاشات".. كمبيوتر محمول بثمن الكتاب العادي
طارق قابيل
صورة أرشيفية لكمبيوتر محمول صغير الحجم
تكشف الهند اليوم الأربعاء النقاب عن أول حاسوب دفتري محمول منخفض التكلفة في العالم، بحيث لا يتجاوز سعره 500 روبية (حوالي 11 دولارا)، وقد أفادت تقارير إخبارية أن الهند تعتزم في الوقت الراهن إنتاج أرخص جهاز حاسوب محمول في العالم لا يزيد ثمنه عن 10 دولارات أمريكية.
وذكرت وكالة الأنباء الهندية "برس تراست أوف أنديا" أن الهند تريد إنتاج كمبيوتر محمول يباع بـ 10 دولارات لعشرات الملايين من التلاميذ في الأرياف.
وقالت الوكالة إن هذه الأجهزة، التي ستكون الأرخص في العالم، سيتم إنتاجها في إطار برنامج حكومي تعليمي، تبلغ قيمته 46 مليار روبية (939 مليون دولار).
وأوضحت التقارير أن الحكومة الهندية تمكنت من تطوير نموذج لهذا الحاسوب المحمول الجديد، الذي يهدف إلى تضييق الهوة الرقمية بين الأغنياء والفقراء في العالم، فعلى الرغم من أن نصف عدد سكان الهند البالغ مليار نسمة تقل أعمارهم عن 25 عاما، فإن البلاد متأخرة فيما يتعلق بعدد المقاعد الجامعية؛ حيث تقدّر نسبة الالتحاق بنحو 11%، مقارنة مع ضعف هذه النسبة في الصين، وكذلك فإن لدى الجارة الشمالية الأكبر للهند 180 مليون مستخدم للإنترنت حاليا، وهو خمسة أضعاف الإجمالي في الهند.
وأشارت التقارير إلى أن إطلاق الهند لجهاز حاسوب محمول لا يزيد ثمنه عن ثمن كتاب عادي سوف يبشر ببداية عصر جديد من الصناعة التي تتميز بالاقتصاد في التكاليف والأسعار.
"ساكاشات" لجسر "الفجوة الرقمية"
وتأتي التجربة الهندية الفريدة كمحاولة لجسر "الفجوة الرقمية" في البلاد بين الأغنياء والفقراء، وستعرض الحكومة النموذج الأولي للحاسوب الدفتري يوم الأربعاء الحالي باعتباره حجر الزاوية في برنامج تعليم إلكتروني طموح لربط 18 ألف كلية و400 جامعة في أنحاء الهند. وسيطلق الكمبيوتر الذي سمّي "ساكاشات" -أي (أمام عينيك)- في إطار "مهمة التعليم الوطنية" الجديدة بكلفة 46 مليار روبية.
ويشمل ذلك شبكة من أجهزة الحاسوب الدفترية التي يستطيع الطلبة من خلالها الوصول إلى المحاضرات والدورات والمساعدة المتخصصة من أي مكان في الهند، مما سيشعل شرارة ثورة في التعليم، ويذكر أن عددا من الناشرين قد وافقوا على تحميل مقاطع من كتبهم الدراسية على النظام.
وقد قام بتصميم هذا الحاسوب الدفتري علماء في معهد "فيلزر" للتكنولوجيا والمعهد الهندي للعلوم في بانغالور والمعهد الهندي للتكنولوجيا في مدينة مدراس، ومجمع أشباه الموصلات الحكومي، ومن المتوقع أن يحتوي هذا الحاسوب على ذاكرة سعتها 2 جيجابايت ونظام اتصال لاسلكي، وفي محاولة لإبقاء التكاليف منخفضة، يقول خبراء إنه من المستبعد استخدام برامج "ويندوز" التي تنتجها شركة مايكروسوفت الشهيرة.
ويبدي مسئولون هنديون ثقة في أن السعر المحدد بـ500 روبية يمكن الوصول إليه بسهولة، وصرح "أر بي أغاروال"، الموظف الكبير في وزارة التعليم العالي الهندية، للصحف أنه "في هذه المرحلة، يتبين أن التكلفة هي 20 دولارا (ألف روبية)، ولكن مع الإنتاج الضخم، فإن السعر سينخفض".
وقال "برابهاكار" نائب مستشار الجامعة التي ستطلق نموذج "ساكاشات" في "اندرا براديش"، إن الهند تتطلع للحصول على الأجهزة والبرمجيات بسعر أرخص. وفي الهند كدولة نامية، يجب إبقاء التكاليف منخفضة ليستفيد أكبر عدد من الطلبة، وهذا يعني إنتاج أجهزة حاسوب رخيصة، ووصولا إلى أرخص شبكة؛ لكي يتسنى للطلبة الاطلاع على الكتب الإلكترونية والصحف الإلكترونية.
ووصف سكرتير التعليم الهندي "آر بي أغراوال" الكمبيوتر الجديد بالـ"ثوري"، متوقعا طرحه خلال 6 أشهر، وأوضح أنه بعد انتهاء التجارب ستسوّق الكمبيوترات، وسيكلّف الجهاز الواحد 10 دولارات أمريكية. ولكن لم يعرض أي نموذج من هذا الجهاز حتى الآن، ولم يتمكّن عدد من مسئولي وزارة التربية من القول كيف يمكن إنتاجه بهذه الكلفة القليلة. وتناقلت مواقع الإنترنت أخبارا عن أن هذا الحاسب الصغير سيحتوي على ذاكرة بحجم 2 جيجابايت بالإضافة إلى إمكانية الاتصال بالشبكات اللاسلكية وباتصال لاسلكي بالإنترنت "واي فاي".
الهند تفوقت على أمريكا
جدير بالذكر أن الهند اكتسبت سمعة جيدة في ابتكار التكنولوجيا الرخيصة للغاية، وهي نزعة أطلقتها العام الماضي 2008؛ حيث قدمت بالفعل للعالم أرخص سيارة من طراز "تاتا نانو"، والتي يبلغ ثمنها 100 ألف روبية أو ما يعادل 2000 دولار أمريكي، وليس من المستغرب أن تقوم بإعادة هذه التجربة مع الكمبيوتر المحمول الجديد، ولاسيما أن الهند تتميز بالخبرة الفريدة في مجال البرمجيات، وفي مجالات التصنيع المحلي، وتوطين التكنولوجيا.
وعلى النقيض من ذلك، كانت الولايات المتحدة قد طرحت مشروعا مشابها لإنتاج حاسوب محمول لكل طفل يبلغ سعره 100 دولار فقط، غير أن هذا المشروع واجه صعوبات ومشاكل عديدة إثر رفض الشركات الكبرى المتخصصة في هذا المجال التعاون، ومن بينها شركة "إنتل" كبرى شركات إنتاج الشرائح في العالم، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع ثمن الجهاز إلى 200 دولار في الوقت الراهن.
وكان حاسوب "إكس أو"، الذي أطلق عام 2005 وسط موجة من الإشادات من جانب "نيكولاس نيجروبونتي"، المدير السابق لشركة "إم تي آي ميديا لاب"، قد فشل، وذلك جزئيا لأن تكلفة إنتاجه تبلغ 200 دولار، ولكنه شجع ظهور أجهزة حاسوب قليلة التكلفة من خلال التخلص من الأقراص الصلبة واستخدام شاشات رخيصة.
ويمكن شراء حاسوب "كلاسميت" الشخصي من إنتاج "إنتل"، كبرى شركات صناعة الرقائق الدقيقة، مقابل 400 دولار حاليا، ويباع حاسوب "آي بي سي" التايواني بمبلغ زهيد يصل إلى 200 دولار، ولكن الجهاز الهندي سيكون أرخص بشكل كبير من "الحاسوب الدفتري بـ 100 دولار"، وهو الحاسوب الأخضر المعروف باسم "جهاز الأطفال" أو "إكس أو" الذي صممه خبراء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في الولايات المتحدة.
"ساكاشات" وموجة من التساؤلات
وأثار هذا الإنجاز الهندي موجة من التساؤلات، فبعض الخبراء يشككون في أن حاسوبا دفتريا من الممكن إنتاجه مقابل 10 دولارات فقط، وأنه ربما لا يكون مستداما تجاريا، وقال "راجيش جاين"، المدير الإداري لشركة "نيتكور" للحلول الرائدة فيما يتعلق بالاستخدام الرخيص للحواسيب: "لا يمكنك حتى أن تصنع شاشة حاسوب بعشرين دولارا.. والهند لا تبني الكثير من تجهيزات الكمبيوتر، ولذلك، من أين سيأتي التوفير؟".
ولا يرى بعض كتاب المدونات اليوم في الحاسوب الدفتري الجديد أكثر من "آلة حاسبة محسنة"، ولخص "أتانو داي" هذه الشكوك؛ حيث كتب في مدونته: "إذا تمكنت الحكومة من تحقيق معجزة تكنولوجية قريبة من المستحيل، ألا يعني ذلك أن كامل قطاع الحاسوب العالمي إما عديم الكفاءة تماما، أو أنه احتيال ضخم ينتج مواد بكلفة زهيدة جدا ويبيعها بأسعار خيالية".
ويبدي المسئولون الهنديون ترددا في الحديث عن المشروع قبل إطلاقه، ولكن أحدهم قال إنه يمكن المحافظة على انخفاض التكاليف من خلال استخدام الطلبة والباحثين لإتمام جزء كبير من التصميم، وقال إن التكلفة كانت 47 دولارا عام 2007، ولكن تعديلات إضافية تعني أنها انخفضت بصورة دراماتيكية.
متخصص في علوم الوراثة الجزيئية والخلوية والتكنولوجيا الحيوية، عضو هيئة التدريس بقسم النبات –كلية العلوم– جامعة القاهرة.. يمكنك التواصل معه عبر البريد الإلكتروني الخاص بالصفحة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق