السبت، 30 مارس 2013

خلايا شمسية من النبات
3/30/2013
  التكنولوجيا الحيوية

  كشف باحثون النقاب عن خلايا شمسية عضوية جديدة قابلة لإعادة التدوير و ذات كفاءة عالية، و بالإضافة إلى ذلك فهي مصنوعة من الأشجار، أو بشكل أكثر تحديداً، فقد تم تصنيعها من الركيزة الأساسية التي يمكن أن يتحصل عليها من أي نبات آخر. قام بهذا العمل فريق من مركز الضوئيات و الإلكترونيات العضوية  (COPE)في معهد جورجيا للتكنولوجيا، بالتعاون مع باحثين من جامعة بوردو الأمريكية.
  تصنع هذه الخلايا الشمسية من البوليمر المعتمد على ركائز السليلوز النانوية (CNC) لإنشاء 
خلايا شمسية أكثر استدامة، و في نفس الوقت يمكن إعادة تدويرها بسرعة في الماء في درجة حرارة الغرفة
.  و في حين أنه يصعب اعتبار أن هذه الخلية الشمسية هي الخلية الشمسية العضوية الأولى المُطَورة، نظرًا لأنه قد سبقها محاولات أخرى في هذا المجال، لكنه من المؤكد أنه يمكن اعتبار هذه الخلية الشمسية هي الخلية العضوية الأولى التي يتم إعادة تدويرها بشكل كامل، و يحتمل أن تكون هذه الطريقة طريقة تدوير مستدامة. فمن المعروف أن الخلايا الشمسية العضوية يتم تصنيعها باستخدام الزجاج أو البلاستيك أو عن طريق استخدام ركائز معتمدة على المشتقات البترولية.
  قاد البروفيسور برنارد كيبيلين Bernard Kippelen من معهد جورجيا للتكنولوجيا هذه الدراسة، و في وصفه للنتائج البحثية الحالية، شدد على أهمية عمل الفريق و قال: "يجب إعادة تدوير الخلايا الشمسية العضوية. و خلاف ذلك فنحن ببساطة نحل مشكلة واحدة، و هي تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، في حين نخلق مشكلة أخرى، و هي التكنولوجيا التي تنتج الطاقة من مصادر متجددة و لكن يصعب التخلص منها في نهاية دورة حياتها. "
  و تتميز جزيئات البوليمير المعتمدة على ركائز السليلوز النانوية (CNC) التي تصنع عن طريقها هذه الخلايا الشمسية بأنها "شفافة بصرياً" (مثل ورقة النبات) التي تتيح تمرير الضوء من خلالها، ليتم امتصاصه بواسطة طبقة رقيقة جداً من أشباه الموصلات العضوية.
  و يصل معدل كفاءة التحويل الحالية للخلايا الشمسية المعتمدة على ركائز السليلوز النانوية (CNC)  و التي تحاكي الخلايا النباتية إلى 2.7 في المئة، و قد يبدو هذا المعدل مخيباً للآمال، إلا أن الفريق البحثي وصف هذا العمل بأنه "غير مسبوق" بالنسبة للخلايا المعتمدة على ركائز مستمدة من المواد الخام المتجددة.
  و قد قام الفريق البحثي بالتقدم للحصول على براءة اختراع عن هذا البحث المتميز، و يخطط فريق مركز الضوئيات و الإلكترونيات العضوية (COPE) لخطة عمل قادمة تستهدف الوصول إلى كفاءة تحويل للطاقة بمعدل يزيد عن 10 في المئة، و هي المستويات المماثلة لخلايا الطاقة الشمسية المعتمدة على ركائز زجاجية أو مستمدة من ركائز بترولية.
 |معجزة التخليق الضوئي
  و من المعروف أنه تجرى حالياً العديد من المحاولات لإنتاج خلية شمسية من النباتات و بصفة خاصة نبات السبانخ على شكل رقاقة تُستخدم لإمداد الأجهزة المحمولة كالهواتف و الحواسب و غيرها بالطاقة الناتجة من كلوروفيل أو يخضور السبانخ، حيث يستفاد من قدرة النبات على استخدام أشعة الشمس لإنتاج الطاقة.
  و نجح العلماء الأمريكيون في معهد "ماساشوستس" للتكنولوجيا "إم آي تي" و جامعة تينيسى و مختبرات البحرية الأمريكية في العاصمة واشنطن بالفعل في تصنيع أول جهاز في العالم يسمى "خلية البناء الضوئي في الحالة الصلبة"، و هو عبارة عن خلية كهربية أنتجت عن طريق محاكاة عملية التخليق الضوئي في أوراق نبات السبانخ، و تعمل هذه الخلية على تحويل ضوء الشمس إلى كهرباء.
  وينظر العلماء للأوراق النباتية الخضراء باعتبارها المصانع الكيميائية الأكثر إثارة للإعجاب والانبهار، ففيها تجري العملية الحيوية الأكثر تعقيدا وأهمية لاستمرار الحياة على الأرض والتي تُعرَف بالتخليق (التمثيل) الضوئي Photosynthesis، ويمكن تلخيصها في أنها تؤدي إلى إنتاج سكر الجلوكوز من غاز ثاني أكسيد الكربون والماء في وجود مادة الكلوروفيل.
  تتميز النباتات الخضراء و الطحالب و بعض أصناف الكائنات الدقيقة بقدرتها على تحويل طاقة الشمس إلى طاقة كيميائية بكفاءة عالية، و تمتلك النباتات آلية معقدة للتخليق الضوئي تهدف في النهاية إلى تخزين الطاقة الضوئية الشمسية ضمن الروابط الكيميائية التي تربط ذرات الكربون و الأكسجين و الهيدروجين، و تعتبر عملية التخليق الضوئي أنجح آلية في العالم لتحويل طاقة الشمس إلى جزيئات سكر.
  يمثل تفاعل انقسام جزيئات الماء في وجود الضوء إلى أيونات أكسجين و هيدروجين و إلكترونات نبض عملية التخليق الضوئي. و يشكل هذا التفاعل الحاسم لشطر جزيئات الماء لغزاً محيراً، لأن الطاقة اللازمة لشطر جزيء الماء تفوق الحد الكافي لتدمير أي جزيء بيولوجي، و مع ذلك فإن النباتات تقوم بذلك طوال النهار يومياً دون أي تأثيرات جانبية. و بالمحصلة الإجمالية يحول الضوء كل جزيئين ماء إلى جزيء أكسجين و أربعة إلكترونات و أربع أيونات هيدروجين.
  و قد توصل فريق من المجمع العلمي الملكي بلندن بقيادة "جيم باربر" و"سو إيواتا" في شهر يونيو 2004م إلى اكتشاف اعتبره البعض الإنجاز الحاسم الذي طال انتظاره، فلقد وضع العلماء أيديهم على اكتشاف الآلية الكيميائية لانشطار الماء أثناء عملية التخليق الضوئي. و اعتبر العلماء أن هذا الاكتشاف يمثل إنجازاً مهماً يفتح الباب على مصراعيه لمزيد من الاكتشافات التي من شأنها فك خيوط لغز التخليق الضوئي. و قال البروفيسور "ستنبيورن ستيرنغ" من جامعة لوند السويدية: "إذا كانت (الطبيعة) قد اخترعت مثل هذا النظام الناجح فمن الحماقة أن يتجاهل المرء إمكانية استخدامه كمصدر بديل للطاقة المتجددة".
  ولقد حاول العلماء محاكاة التخليق الضوئي في النبات لابتكار جهاز إلكتروني لإنتاج الطاقة الكهربية، و لكن باءت تجاربهم السابقة بالفشل، لأن الخلايا الحية و المواد البيولوجية تحتاج إلى الماء و الأملاح، في حين أن هذه المواد تدمر الأجهزة الإلكترونية الكهربية. و للتغلب على هذه المشكلة المعقدة قام "ماركو بالدو" و فريقه بتخليق ببتيد يقوم بتثبيت المركبات البروتينية على الأسطح الخشنة الباردة و يتماسك مع كميات قليلة من بعض جزيئات الماء.
  و من أجل الحصول على البلاستيدات الخضراء الموجودة في أوراق السبانخ و التي تقوم بعمليات 
التخليق الضوئي، قام العلماء بطحن أوراق السبانخ و فصل مكوناتها عن طريق استخدام جهاز الطرد المركزي، و تم تنقية البلاستيدات الخضراء و حفظها في حالة ذوبان في الماء. ثم قاموا بوضع البروتينات المعقدة على قطعة رقيقة من الزجاج مغلفة برقاقة من الذهب و مغطاة بمادة من أشباه الموصلات، ثم بطبقة أخرى من المعدن. و تم اختبار النموذج الأول للرقاقة عن طريق تعريضه لشعاع من الليزر لاختبار نظرية العمل
.
  و وجد العلماء أن الرقاقة تحول 12% من الضوء إلى شحنات كهربائية، لأن الشريحة مغطاة بطبقة رقيقة من المركبات الكيميائية. و يحاول العلماء تحقيق نسبة تحويل للطاقة تصل إلى 20% أو أكثر عن طريق وضع عدة طبقات من المركبات الكيميائية فوق بعضها في تراكب ثلاثي الأبعاد لزيادة مساحة السطح المعرض للضوء. كما يجرى العلماء حالياً عدة تجارب لإطالة عمر الرقاقة لاستخدامها في التطبيقات العملية، لأن البيبتيد المستخدم يحفظ البروتينات المركبة لمدة ثلاثة أسابيع فقط حتى الآن.
  و إذا نجح العلماء في إيجاد طريقة لإجراء تخليق ضوئي اصطناعي فإن ذلك سيجعل من الممكن تسخير ضوء الشمس لإنتاج كميات غير محدودة من الكهرباء أو الهيدروجين أو غيره من أصناف الوقود الغنية بالطاقة من الماء بصورة نظيفة و بتكلفة زهيدة.
  و تظهر هذه البحوث الحديثة أن محاكاة معجزة التخليق الضوئي التي شكلت حدثاً مهماً في استمرار الحياة على الأرض هي عملية بالغة الصعوبة، فالآن، وبعد 5.2 مليارات سنة من نشأة الحياة، ما زال العقل البشري يناضل بكل ما أوتي من قوة و تراكم معرفي لمحاكاة هذه المعجزة الإلهية في المختبر، محاولاً إيجاد مصدر جديد للطاقة لا ينضب ليحل مشاكل العالم المزمنة.
   المصادر:
      |اقرأ البحث كاملاً:
 د. طارق قابيل

|أستاذ التقنية الحيوية المساعد - أمين قسم الأحياء - كلية العلوم والآداب ببلجرشي
جامعة الباحة - المملكة العربية السعودية
|متخصص فى الوراثة الجزيئية والتكنولوجيا الحيوية - قسم النبات، كلية العلوم، جامعة القاهرة
|الموقع الالكتروني:
|البريد الالكتروني: tarekkapiel@hotmail.com


http://www.arsco.org/Home/Details?entityID=9bf2ecd5-9585-4540-942d-6ad623370659&resourceId=4f57ad49-e1bb-4004-ae5a-f0e5b9ec1b67

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق